والثاني: قول مطرف وابن الماجشون أنه إن كان متصل السفه من حين بلوغه، فلا يجوز شيء من أفعاله؛ وأما إن سفه بعد أن آنس منه الرشد فأفعاله جائزة عليه ولازمة له ما لم يكن بيعه بيع سفه وخديعة بينة، مثل أن يبيع ثمن ألف دينار بمائة دينار، وما أشبه ذلك؛ فلا يجوز ذلك عليه ولا يتبع بالثمن إن أفسده من غير تفصيل بين أن يكون معلنا بالسفه أو غير معلن به.
والثالث: قول أصبغ إنه إن كان معلنا بالسفه، فأفعاله غير جائزة، وإن لم يكن معلنا به، فأفعاله جائزة من غير تفصيل بين أن يتصل سفهه أو لا يتصل؛ وذهب ابن القاسم إلى أنه ينظر إلى حاله يوم بيعه وابتياعه، فإن كان رشيدا جازت أفعاله، وإن كان سفيها، لم يجز منها شيء من غير تفصيل بين أن يتصل سفهه أو لا يتصل؛ واتفق جميعهم أن أفعاله جائزة لا يرد منها شيء إن جهلت حاله ولم يعلم بسفه ولا رشد.
وأما الابنة البكر فلا اختلاف أيضا بين أصحابنا أن أفعالها مردودة غير جائزة ما لم تبلغ المحيض، فإذا بلغت المحيض لا يخلو أمرها من ثلاثة أحوال:
أحدها: إن تكون ذات أب.
والثاني: أن تكون يتيمة ذات وصي قد أوصى عليها الأب أو السلطان.
والثالث: أن تكون يتيمة لا وصي لها من قبل أبيها ولا مقدما من قبل السلطان.
فأما ذات الأب فاختلف فيها على ثمانية أقوال: