إجازة حبسه في هذه الحال، قول الله تعالى: {وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا} [آل عمران: 75]. فإذا جازت ملازمته ومنعه من التصرف، جاز حبسه ولا خلاف في هذا بين فقهاء الأمصار.
وحبس المديان على ثلاثة أوجه:
أحدها: حبس تلوم واختبار فيمن جهل حاله.
والثاني: حبس من ألد واتهم بأنه خبأ ماله وغيبه.
والثالث: حبس من أخذ أموال الناس وتقعد عليها وادعى العدم، فتبين كذبه؛ إذ لم يعلم أنه جرى عليه سبب أذهب ما حصل عنده من أموال الناس.
فأما حبس التلوم والاختبار في المجهول الحال، فبقدر ما يستبرأ أمره ويكشف عن حاله، وذلك يختلف باختلاف الدين فيما روى ابن حبيب عن ابن الماجشون، فيحبس في الدريهمات اليسيرة- قدر نصف شهر، وفي الكثير من المال أربعة أشهر، وفي الوسط منه شهرين؛ ووجه ذلك أنه يسجن على وجه اختبار حاله، فوجب أن يكون على قدر الحق الذي يسجن من أجله.
وأما حبس من ألد واتهم بأنه خبأ مالا وغيبه، فإنه يحبس حتى يؤدي، أو يثبت عدمه فيحلف ويسرح.
وأما حبس من أخذ أموال الناس وتقعد عليها وادعى العدم فتبين كذبه، فإنه يحبس أبدا حتى يؤدي أموال الناس، أو يموت في السجن؛ وروي عن سحنون أنه يضرب بالدرة- المرة بعد المرة حتى يؤدي أموال الناس، وليس قوله هذا بخلاف مذهب مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ -، فقد قال مالك يضرب الإمام الخصم على اللدد، وأي لدد أبين من هذا؛ فالقضاء بما روي عن سحنون في مثل هؤلاء الذين