على وجهين:
أحدهما: أن يكون حقا لله تعالى.
والثاني: أن يكون حقا لآدمي، فأما إن كان حقا لله عز وجل، فإنه ينقسم على قسمين:
قسم لا يستدام فيه التحريم، وقسم يستدام فيه التحريم؛ فأما ما لا يستدام فيه التحريم- كالزنا وشرب الخمر وما أشبه ذلك، فلا يضر الشاهد ترك إخباره بالشهادة؛ لأن ذلك ستر ستره عليه؛ والأصل في ذلك قول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لهزال: «يا هزال هلا سترته بردائك». وإن علم الإمام بذلك، فقد قال ابن القاسم في المجموعة: يكتمونه الشهادة ولا يشهدوا في ذلك إلا في تجريح إن شهد على أحدث وأما ما يستدام فيه التحريم كالعتق والطلاق والأحباس والمساجد والقناطير، وما أشبه ذلك، فيلزمه أن يخبر بشهادته ويقوم بها غيره، فإن لم يخبر بشهادته سقطت شهادته؛ لأن سكوته على ذلك جرحة فيه؛ فإن هو قام بالشهادة، فاختلف هل تقبل شهادته؟ ذهب ابن القاسم إلى أنه لا تجوز شهادته إذا كان هو القائم بها.
وذهب مطرف وابن الماجشون وأصبغ إلى أن شهادتهم جائزة- وإن كانوا هم القائمين بها؛ فإن قام غيره بالشهادة، سقط عنه الفرض وكان قيامه بذلك استحبابا؛ لأن فيه عونا على إقامة الحق؛ وإن لم يقم بالشهادة سواه، تعين عليه القيام بها؛ وأما الضرب الآخر: وهو أن يكون حقا لآدمي، فيلزمه أن يخبر بشهادته صاحب الحق، فإن لم يفعل فروى عيسى عن ابن القاسم أن شهادته تبطل.
وذهب سحنون إلى أنها لا تبطل، وقد وقع في المبسوطة لأشهب ما ظاهره أن شهادته لا تبطل بالسكوت وترك الإخبار في حقوق العباد ولا في حق الله تعالى- وهو بعيد، ومن أهل العلم من ذهب إلى أنه واجب على كل من دعي إلى شهادة أن يجيب