أحدهما: أن يدعى ليشهد على الشهادة ويستحفظ إياها.
والثاني: أن يدعى ليشهد بما علمه- استحفظه إياه أو لم يستحفظه.
فأما الوجه الأول وهو أن يدعى ليشهد ويستحفظ الشهادة فإن ذلك واجب وفرض على الجملة، يحمله بعض الناس عن بعض كالجهاد والصلاة على الجنائز وما أشبه ذلك، فإذا كان الرجل في موضع ليس فيه من يحمل ذلك عنه تعين عليه الفرض في خاصته، والدليل على ذلك؛ أن الله تبارك وتعالى أمر بالقيام بالشهادة فقال: {وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ} [الطلاق: 2]، فإذا قيم بها فقد امتثل الأمر وسقط الفرض، إذ لا معنى لقيام من قام بها بعد ذلك.
وأما الوجه الثاني- وهو أن يدعى ليشهد بما علمه واستحفظ إياه فإن ذلك واجب عليه؛ لقول الله تعالى: {وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} [البقرة: 282]. وقوله: {وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} [البقرة: 283] وقوله: {وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ} [الطلاق: 2].
فصل
فمن كانت عنده شهادة فلا يحل له أن يكتمها ويلزمه إذا دعي إليها أن يقوم بها، وأما إن لم يدع إلى القيام بها، فقد قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «خير الشهداء الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها أو يخبر بشهادته قبل أن يسألها». وهذا ينقسم