سواء دعي إلى أن يستحفظ الشهادة أو يؤدي ما حفظ، لقول الله عز وجل: {وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} [البقرة: 282] وليس ذلك بصحيح؛ لأن الشاهد لا يصح أن يسمي هذا إلا بعد أن يكون عند علم بالشهادة؛ وأما قبل أن يعلم فليس بشاهد، ولا يدخل تحت قَوْله تَعَالَى: {وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} [البقرة: 282]- وهذا بين- والحمد لله.
فصل في صفة الشاهد الذي تقبل شهادته
اعلم أن للشاهد في شهادته حالين: حال تحمل الشهادة، وحال أدائها. فأما حال تحملها فليس من شرط الشاهد فيها إلا أن يكون على صفة واحدة وهي الضبط والميز- صغيرا كان أو كبيرا، حرا كان أو عبدا، مسلما كان أو كافرا عدلا كان أو فاسقا.
وأما حال أدائها، فمن شرط جواز شهادة الشاهد فيها أن تجتمع فيه خمسة أوصاف: متى عري عن واحد منها لم تجز شهادته، وهي: البلوغ، والعقل، والحرية، والإسلام، والعدالة.
فصل
وإنما شرطنا في ذلك البلوغ؛ لأن الشاهد مأمور بأداء الشهادة والقيام بها، منهي عن كتمانها؛ والأمر والنهي لا يتوجه إلا على المكلفين، ومن لم يبلغ فليس بمكلف ومن جهة المعنى أن الشاهد يجب أن يكون ممن يخاف ويتحرج من الإثم فيشهد بالحق ويتوقى الباطل؛ والصغير لا يلحقه إثم ولا يتوقى عقوبة؛ لأن القلم مرتفع عنه، فوجب ألا تجاز شهادته، وهذا ما لا اختلاف فيه إلا ما أجيز من