إلا أشهب، فإنه ضمنهم وإن قامت البينة على التلف؛ وكذلك الرهن عنده قياسا على العارية، إنها مؤداة - للحديث -، والعلة الجامعة بينهما أنه قبض الرهن لمنفعة نفسه خالصا كما قبض العارية لمنفعة نفسه خالصا؛ وأما الصناع فلا يصح له قياسهم على العارية؛ لأنهم قبضوا السلع لمنفعتهم ومنفعة أرباب السلع، إلا أن لقوله حظا من النظر، فوجه قوله أنه لما وجب أن يضمنوا للمصلحة العامة، لئلا يكون ذلك ذريعة إلى إتلاف الأموال، لم يسقط الضمان عنهم بالبينة، حسما لباب الذريعة؛ لأن ما طريقه المصالح وقطع الذرائع لا يخصص في موضع من المواضع، أصل ذلك شهادة الابن لأبيه لما لم تجز للذريعة، لم تجز. وإن ارتفعت التهمة في البابين، الفضل: ولأن من ضمن بلا بينة، ضمن وإن قامت البينة؛ أصله الغاصب، ولأن من قبض لمنفعة نفسه فضمن بلا بينة، ضمن وإن قامت البينة، أصله القرض.

فصل

وقول مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وابن القاسم أصح؛ لأن الصانع أجير، فإذا ثبت هلاك ما دفع إليه بغير تفريط، أشبه الصانع الخاص والراعي، ولأن الذريعة قد لا تراعى مع العذر الظاهر، مثل من فاتته الجمعة، فإنا نمنعه أن يصلي الظهر في جماعة، لئلا يكون ذلك ذريعة لأهل البدع؛ ثم يجوز ذلك لأهل العذر الظاهر كالمرضى والمحبوسين، وكذلك في مسألتنا إذا كان عذر الصانع ظاهرا بإقامته البينة على التلف من غير تضييع، لم نراع معه الذريعة، وفي هذا اختلاف قد ذكرناه وحصلناه وبينا وجهه ومعناه في كتاب البيان في رسم نقدها من سماع عيسى من كتاب الصلاة الثالث.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015