على العام. فما روي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من كراء الأرض بالدنانير والدراهم يخصص عموم نهيه عن كراء المزارع؛ وقال آخرون: لا يجوز كراء الأرض إلا بالدنانير والدراهم خاصة، واحتجوا بما «روي عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - من رواية رافع بن خديج أنه قال: " إنما يزرع ثلاثة: رجل له أرض فهو يزرعها، ورجل منح أرضا فهو يزرع ما منح، ورجل استكرى بذهب أو فضة»، وقالوا: لا يجوز أن يتعدى هذا الحديث لما فيه من البيان، وليس كما قالوا؛ لأن البيان في الحديث إنما هو في إجازة كراء الأرض بالذهب والفضة، وأما في المنع من كرائها بكل ما عدا ذلك فلا؛ لأن لفظة "إنما" لا ترد إلا على سبب، فهي تنفي الحكم عن السبب الذي وردت من أجله وتحققه في المنصوص عليه، ولا تدل على نفيه عما سواه. والدليل على ذلك قول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنما الولاء لمن اعتق»، فنفى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بقوله هذا أن يكون الولاء لمن باع، واشترط الولاء على المشتري المعتق؛ لأن ذلك كان سببه وحقق به أن الولاء للمعتق، ولم يكن في قوله بيان أن غير المعتق لا ولاء له؛ ألا ترى أن الولاء يكون لولد المعتق وعصبته وإن كانوا غير معتقين. ومثل ذلك أيضا قولهم: إنما النبي محمد، وإنما الكريم يوسف، وإنما الشجاع عمرو، فلا ينفي ذلك النبوة عن غير النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، ولا الكرم عن غير يوسف، ولا الشجاعة عن غير عمرو؛ وإنما تحقق ذلك لهم وتنفيه عمن كان سببا لوروده، فكذلك مسألتنا. وقال آخرون: يجوز كراء الأرض بكل شيء إذا كان معلوما عدا الطعام، وحجتهم ما روى رافع بن خديج عن