أرض فليزرعها أو ليزرعها ولا يؤاجرها». ولم يختلف عن جابر في هذا، واختلف فيه عن رافع بن خديج اختلافا كثيرا: فروي عنه أنه قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من كانت له أرض فليزرعها أو ليزرعها أخاه أو ليدعها»، كنحو حديث جابر؛ وروي عنه عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أنه قال: «من كانت له أرض فليزرعها أو ليزرعها أخاه ولا يكرها بثلث ولا ربع ولا طعام». فدليل هذا إجازة كرائها بما عدا الطعام من الأثمان المعلومة؛ وروي عنه، عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أنه قال: «إنما يزرع ثلاثة: رجل له أرض فهو يزرعها، أو رجل منح أرضا فهو يزرع ما منح، أو رجل استكرى بذهب أو فضة». فظاهر هذا أن كراءها لا يجوز إلا بالذهب والفضة. ومن ذلك نهيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن المحاقلة والمخابرة وهي كراء الأرض بالطعام وبما يخرج منها ومن ذلك نهيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن المزارعة، وهي كراء الأرض بالجزء مما يخرج منها، وإعطاؤه يهود خيبر الأرض والنخل على أن يعملوها ويزرعوها على شطر ما يخرج منها، معارض في الظاهر لنهيه عن المزارعة، فقالت طائفة منهم: لا يجوز كراء الأرض أصلا بذهب ولا فضة ولا بشيء من الأشياء؛ لأنهم حملوا ما روي عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - من النهي عن كراء المزارع على العموم واطرحوا ما خالف ظاهره من الآثار، وهو مذهب طاوس، وإليه ذهب ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بآخرة روي عنه أنه كان يكري أرضه حتى بلغه أن رافع بن خديج كان يحدث «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى عن كراء المزارع فترك كراءها» وهذا يبعد في النظر لأن الخاص يقضي