النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «من كانت له أرض فليزرعها أو ليزرعها أخاه ولا يكرها بثلث ولا ربع ولا طعام». وهذا أيضا لا يصح في النظر؛ لأنهم أجازوا كراء الأرض بما يخرج منها من غير الطعام، وقد ثبت «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: نهى عن المخابرة» وهي كراء الأرض بما يخرج منها؛ لأنه يدخله ما نهى عنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من المزابنة والغرر؛ لأنه إذا أكرى الأرض بكتان أو قطن فقد أعطى الكتان أو القطن فيما تخرج له الأرض من ذلك، وذلك الغرر والمزابنة التي لا تجوز. وقال آخرون: يجوز كراء الأرض بالدنانير والدراهم والعروض والطعام وكل شيء إذا كان معلوما، وإنما لا يجوز الجزء مما يخرج منها؛ لأنه غرر، فهي المزارعة التي نهى عنها النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وهذا هو مذهب الشافعي، وهو ظاهر قول مالك في كتاب المساقاة من الموطأ؛ لأنه قال فيه: ولا ينبغي أن يساقي الأرض البيضاء وذلك أنه يحل لصاحبها كراؤها بالدنانير والدراهم وما أشبه ذلك من الأثمان المعلومة، إلا أن ذلك ليس بمعلوم من مذهبه، وحجة من ذهب إلى هذا ما روي «عن رافع بن خديج أنه سئل عن كراء الأرض بالذهب والورق فقال: لا بأس بذلك، إنما كان الناس على عهد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يكرون الأرض بما على الماذيانات وأقبال الجداول فيهلك هذا ويسلم هذا، ويسلم هذا، ويهلك هذا، فلذلك زجر عنه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: " فأما شيء مضمون معلوم فلا». وقد روي مثل هذا القول عن الليث بن سعد، وهو غير صحيح أيضا «لنهي النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عن المحاقلة والمخابرة»: وهو استكراء الأرض بالحنطة وبما يخرج منها كان طعاما أو لم يكن. وقال آخرون: يجوز كراء الأرض بالدنانير والدراهم والعروض والطعام والجزء مما يخرج منها، وحجتهم في إجازة كراء الأرض بالجزء