بحساب ذلك، فقال سحنون: إن هذا القول هو الذي يعتمد عليه من قول ابن القاسم، وهذا القول لابن القاسم قائم من أول الكتاب؛ قال في الذي يبيع من الرجل نصف الثوب على أن يبيع له النصف الآخر، إن ذلك جائز إذا ضرب لذلك أجلا؛ لأنه إذا ضرب لذلك أجلا كانت إجارة واختار سحنون هذا القول؛ لأنه إذا قال: بع لي هذا الثوب اليوم ولك درهم، احتمل أن يريد على وجه الجعل فيكون جعلا فاسدا، واحتمل أن يريد على وجه الإجارة فيكون جائزا. وإذا كان اللفظ محتملا للجواز والفساد مترددا بينهما، فهو على مذهبه في مسائل كثيرة محمول على الجواز حتى يتبين الفساد، من ذلك من اكترى راعيا على رعاية غنم بأعيانها، فالإجارة عنده جائزة - وإن لم يشرط الخلف خلاف مذهب ابن القاسم في هذه المسألة مثل قوله في المسألة التي حكيناها في أول الكتاب؛ ومثل قوله فيمن قال: بع لي هذا الثوب ولك درهم - أن ذلك جائز فحمله على الجعل فأجازه مع احتمال أن يريد بذلك الإجارة، فتكون فاسدة إذا لم يضرب لها أجلا؛ فلما كان هذا القول جاريا على مذهب سحنون، اختاره واستحسنه، فقال فيه: إنه جل قوله الذي يعتمد عليه، ولو بين فقال: أستأجرك على أن تبيع لي هذا الثوب اليوم ولك درهم جاز باتفاق، ولو بين أيضا فقال: أجاعلك على أن تبيع لي هذا الثوب اليوم. ولك درهم. لم يجز باتفاق، إلا أن يشترط متى ما شاء أن يترك ترك، وإذا لم يقع بيان فهي مسألة الكتاب التي اختلف فيها قول ابن القاسم؛ فالمسألة تنقسم على هذه الثلاثة الأقسام، فهذا أولى ما تحمل عليه هذه المسألة، ولم أره لغيري - وهو صحيح بين لا ينبغي أن يلتفت إلى ما سواه، ومسألة نفض الزيتون من هذا الأصل فتدبر ذلك، وكذلك الخلاف الحاصل بين ابن القاسم وأشهب فيمن باع من رجل دارا على أن ينفق عليه حياته، جاز على هذا الأصل ومثل هذا كثير.
وقد اختلف؛ هل من شروط صحته أن يكون للجاعل فيه منفعة أم لا؟ على قولين.