وليس من شروطه أن يكون العمل المجعول فيه معلوما بل يجوز في المعلوم والمجهول.
فصل
ولا يلزم المجعول له العمل وله أن يترك شرع فيه أو لم يشرع، ولا شيء له إلا بتمام العمل؛ واختلف في الجاعل فقيل: إن الجعل يلزمه بالعقد وإلى هذا ذهب ابن حبيب في أحد قوليه وهو ظاهر رواية عيسى عن ابن القاسم في الجعل والإجارة، وقيل: لا يلزمه حتى يشرع المجعول له في العمل وهي رواية علي بن زياد عن مالك ورواية أشهب عنه أيضا في تضمين الصناع من العتبية ومذهب سحنون وهو أظهر القولين؛ لأنه لما كان المجعول له لا يلزمه وجب أن لا يلزم الجاعل إلا أن يشرع المجعول له في العمل، لئلا يبطل عليه عمله، ووجه القول الأول هو أن الجاعل لما كان ما أخرج معلوما ولم يجز أن يكن مجهولا لزمه، ولما كان العمل الذي يخرجه العامل في الجعل يجوز أن يكون مجهولا جاز له أن يرجع عنه متى شاء ولم يلزمه، ألا ترى أن الإجارة لما كانت معلومة في معلوم لزمتهما جميعا، ولم يكن لواحد منهما الرجوع.
فصل
فعلى هذا إذا مات الجاعل قبل أن يشرع المجعول له في العمل على قول ابن حبيب، وظاهر رواية عيسى عن ابن القاسم أو بعد شروعه في العمل على رواية علي بن زياد وأشهب عن مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يلزم ذلك ورثته، ولا يكون لهم أن يمنعوا المجعول له من العمل؛ فإن مات المجعول له بعد أن شرع في العمل أو قبل أن يشرع فيه على أحد القولين، نزل ورثته منزلته؛ ولم يكن للجاعل أن يمنعهم من العمل؛ وقد روى أصبغ عن ابن القاسم خلاف هذا في المجاعلة في