فصل

ومن شروط صحة المجاعلة أن يكون الجعل معلوما وأن لا ينقد، وأن يكون لا منفعة فيه للجاعل إلا بتمامه، وأن لا يضرب للعمل المجعول فيه أجلا، فإن ضرب له أجلا ولم يشترط أن يتركه متى شاء لم يجز، واختلف إن اشترط ذلك، هذا قوله في المدونة فيمن قال: بع لي هذا الثوب اليوم - ولك درهم - أن ذلك لا يجوز إلا أن يشترط متى شاء أن يتركه تركه، وقد اختلف في تأويل قول سحنون في آخر المسألة، وقد قال في مثل هذا: إنه جائز، وهو جل قوله الذي يعتمد عليه فاختصره ابن أبي زيد على أنه أجاز أن يوقت في الجعل يوما أو يومين دون شرط، وقال أبو عمر بن القطان: يريد سحنون أنه قال مثل قوله في الباب في مثل مسألة الباب، وهو أن يجيز الجعل ويضرب له يوما أو يومين ويشترط عليه أنه متى شاء أن يرد رد، قال سحنون: له مثل هذا القول وهذا القول جل قوله الذي يعتمد عليه. يريد قول الكتاب وما يشبهها وقوله: جل قوله، يقتضي الخلاف، والخلاف موجود له في رواية عيسى عنه؛ قلت: أرأيت إن قال جد نخلي اليوم فما جددت فبيني وبينك ومتى ما شئت أن تخرج خرجت ولك نصف ما عملت؛ قال: لا خير فيه وتأول ابن لبابة على سحنون أنه أراد أن ابن القاسم إنما اختلف قوله على أنها إجارة، فمرة رآها إجارة جائزة، ومرة رآها إجارة فاسدة، وذلك كله مدخول؛ وأما قول ابن أبي زيد، فهو خطأ صراح؛ لأن الجعل إذا سمى فيه أجلا ولم يشترط أن يترك العمل متى شاء لم يجز باتفاق، فكيف يصح أن يقال: إنه جل قوله الذي يعتمد عليه؛ وأما تأويل ابن القطان، فهو بعيد على ظاهر لفظ الكتاب، إلا أن معناه صحيح تصح به المسألة؛ وأما تأويل ابن لبابة فهو بعيد على ظاهر اللفظ غير صحيح المعنى؛ لأنها إذا كانت إجارة، فهي جائزة - ولا وجه لفسادها، وإنما معنى المسألة عندي أن قول ابن القاسم اختلف إذا قال الرجل للرجل: بع لي هذا الثوب اليوم ولك درهم - فقال في الباب: إنه جعل، ولا يجوز إلا أن يشترط متى شاء أن يترك ترك، وله قول آخر أن ذلك جائز وهي إجارة لازمة لا جعل؛ فإن باع في بعض اليوم، كان له من الأجرة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015