عليها لاتهامه فيها. ومن الدليل أيضا على أن المحدود والعبد يلاعنان أن كل من حكم عليه بيمين أو حكم له بها فالبر والفاجر والعبد والمسلم والذمي فيها سواء، فكذلك يجب في اللعان. وهو الظاهر من قول الله عز وجل في القرآن أيضا، فإن المعنى الذي فرق الله به بين الزوج والأجنبي في القذف وهو ضرورته إلى نفي الولد الذي ينكره ولا يعرف له سببا يستوي فيه الحر والعبد والمحدود وغير المحدود. وقد نقض أبو حنيفة وأصحابه أصلهم في هذا بقولهم: إن الفاسق المعلم بالفسق يلاعن وشهادته لا تجوز، وكذلك الأعمى يلاعن وشهادته عندهم لا تجوز، فبطل مذهبهم وصح مذهب مالك ومن تابعه، وإنما اللعان حكم على حياله شرعه الله رحمة لعباده فلا يحمل على الشهادة ولا يقاس عليها.

فصل

واللعان على ستة أوجه، ثلاثة منها متفق عليها، وثلاثة مختلف فيها. فأما الثلاثة الأوجه التي يتفق على وجوب اللعان فيها، فأحدها: أن ينفي حملا لم يكن مقرا به ويدعي الاستبراء. والثاني: أن يدعي رؤية لا مسيس بعدها في غير ظاهرة الحمل. والثالث: أن ينكر الوطء جملة فيقول: لم أطأها قط أو منذ مدة كذا وكذا لما لا يلحق في مثله الأنساب. وأما الوجوه الثلاثة التي يختلف في وجوب اللعان فيها، فأحدها: أن يقذف زوجته ولم يدع رؤية. والثاني: أن ينفي حملا ولا يدعي استبراء. والثالث: أن يدعي رؤية لا مسيس بعدها في حامل بينة الحمل؛ لأن ابن الجلاب حكى عن مالك في هذه المسألة ثلاث روايات: إحداها إيجاب الحد ولا لعان. والثانية إيجاب اللعان وثبوت النسب. والثالثة إيجاب اللعان وسقوط النسب.

واختلف في التعريض قول ابن القاسم، فمرة رآه كالتصريح بالقذف وأوجب اللعان فيه، وهو قوله في كتاب القذف من المدونة وظاهر قوله في اللعان منها. ومرة قال يحد في التعريض ولا يلاعن، وهو قول أشهب في كتاب ابن المواز أنه يحد في التعريض ولا يلاعن إلا أن يكون تعريضا يشبه التصريح. وأما مثل قوله وجدتها مع رجل عريانين في لحاف أو وجدتها تحته فلا يلاعن في هذا ويؤدب، ولو قاله لأجنبية لتحد إلا في قوله رأيتها تقبل رجلا. فإن رجع لها أقيم عليه في التعريض

طور بواسطة نورين ميديا © 2015