عليه شيء حتى تمضي أربعة أشهر فيوقف؛ فإما فاء وإما طلق. وهو مذهب أهل المدينة وقول الشافعي وأبي ثور وأبي عبيد وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه؛ لأن المعنى عندهم في قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ فَاءُوا} [البقرة: 226] أي بعد الأربعة الأشهر، وقد اختلفت الرواية عن مالك في ذلك والمشهور عنه ما قدمناه من أن الأربعة الأشهر توسعة وأن الإيقاف بعدها.
وروي عنه أن الفيء في الأربعة الأشهر توسعة فإذا انقضت طلق عليه ولم يؤمر بالفيئة بعدها، وهو قول ابن شبرمة. وروي مثله عن سعيد بن المسيب وأبي بكر بن عبد الرحمن ومكحول وابن شهاب، حكى الروايتين عن مالك ابن خويز منداد في كتاب أحكام القرآن له. وروى أشهب عن مالك في العتبية أنه إذا وقف بعد انقضاء الأربعة الأشهر فقال أنا أفيء أمهل حتى تنقضي عدتها، فإن لم يفعل بانت منه بانقضاء عدتها، وهي قولة بين القولين على طريق الاستحسان غير جارية على قياس.
فإن وقف على المشهور عنه فلم يفئ ولا طلق؛ طلق عليه الإمام طلقة يملك فيها الرجعة. وقال غير هؤلاء يحبس حتى يفيء أو يطلق. وقال أهل العراق: يقع على المولي بانقضاء أجل الإيلاء طلقة بائنة، وهو قول ابن مسعود من الصحابة وزيد بن ثابت. وروي مثله عن عثمان وعلي، فجعل هؤلاء قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ فَاءُوا} [البقرة: 226] على أن المراد بذلك قبل تمام الأربعة الأشهر.
فصل
وقوله {فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 226] معناه على قولهم غفور لهم فيما اجترموا من الحلف على ترك وطء نسائهم وتحنيث أنفسهم بالفيء إلى ذلك، رحيم بهم وبغيرهم من عباده المسلمين. وقيل: إنما معنى غفور فيما بعد الأربعة الأشهر؛ لأن الله تعالى قد أباح للمولي التربص أربعة أشهر، والغفران إنما يكون فيما هو محظور لم تتقدم فيه إباحة. وهذا التأويل يشد مشهور قول مالك ومن تابعه عليه في أن