المولي لا يقع عليه طلاق ما لم يوقف وإن مكث سنة أو أكثر. وقيل: إن الفيء يسقط عنه الكفارة لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 226]، وهو مذهب الحسن والنخعي وغيرهما ممن يرى أن كل حانث في يمين هو في المقام عليها حرج فلا كفارة عليه في حنثه، وأن كفارتها الحنث فيها. والذي عليه جمهور الفقهاء وعامة العلماء إيجاب الكفارة على من حنث في يمينه برا كان الحنث فيها أو غير بر.
وقوله عز وجل: {وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 227] عزيمة الطلاق على مذهب مالك ومن قال بقوله إيقاعه، كما أن عزيمة النكاح في قَوْله تَعَالَى: {وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ} [البقرة: 235] إيقاع عقده. والدليل على ذلك أيضا قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 227]، وسميع لا يكون إلا في النطق؛ لأن الكلام هو الذي يسمع. قال الله تعالى: {وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} [المجادلة: 1]، وأما انقضاء أجل الإيلاء فليس بمسموع إنما هو معلوم، فلو كان عزم الطلاق في قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ} [البقرة: 227] هو وقوعه بانقضاء أجل الإيلاء كما قال أهل العراق لما كانت الآية مختومة بذكر إخبار الله عن نفسه أنه سميع عليم، كما لم يختم الآية التي ذكر فيها الفيء إلى طاعة الله في مراجعة وطء زوجته بذكر الخبر عن الله أنه شديد العقاب؛ إذ لم يكن موضع وعيد على معصية، وإنما كان موضع وعد منه بالرحمة والغفران لمنيب أناب إلى طاعته، فذلك ختم الآية التي فيها القول بصفة نفسه أنه سميع عليم؛ لأنه للكلام سميع وبالفعل عليم، فقال تعالى وإن عزم المولون على طلاق من آلوا منهن فإن الله سميع لطلاقهم إياهن عليم بما آتوا إليهن مما يحل لهم ويحرم عليهم.