الكلام عليه. وقد قيل: إن الجواب مقدم، وهو قوله: {وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ} [الرعد: 30] {وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا} [الرعد: 31]، الآية. والأول أولى أن الجواب محذوف على عادة العرب في حذف ما يستغنى عنه من الكلام إيجازا واختصارا. وقال الفراء: معنى {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [البقرة: 226]: على نسائهم. وكذا في قَوْله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} [المعارج: 29] {إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} [المعارج: 30] أن معنى ذلك من أزواجهم، فأقام " على " مقام " من " في الموضع الواحد، و" من " مقام " على " في الموضع الآخر. وما قدمته، أولى من أن المعنى في الآية إضمار أن يعتزلوا لدلالة الكلام عليه مع ورود الآية على سبب يقتضيه وهو ما كانوا يفعلونه من الحلف على اعتزال نسائهم إضرارا بهن.
والفيء الرجوع. يقال: فاء فلان يفيء فيئا وفيئة مثل الجيئة، وفاء الظل يفيء فيأ وفيوءا. وقيل في الأول فيوءا. فمعنى قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ فَاءُوا} [البقرة: 226] أي: فإن رجعوا إلى ما كانوا حلفوا عليه ألا يفعلوه من وطء نسائهم ففعلوه.
فصل
واختلف في قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ فَاءُوا} [البقرة: 226] هل المراد بذلك في الأربعة الأشهر أو بعدها. وعلى هذين التأويلين يأتي الاختلاف الواقع بين أهل العلم في حكم المولي بعد انقضاء الأجل، فذهب مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - في المشهور عنه وجميع أصحابه إلى أنه يقع عليه طلاق وإن مرت له سنة حتى يوقف، فإما فاء وإما طلق.
[ويروى هذا القول عن عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وابن عمر، وعائشة، وأبي الدرداء]. قال سهيل بن أبي صالح عن أبيه: سألت اثني عشر من أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، عن الرجل يولي من امرأته فكلهم يقول: ليس