الأشج وغيره، وكلهم ذكر أنه ظاهر مرة واحدة فأمره رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالكفارة، فليس معنى قول الله عز وجل: {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} [المجادلة: 3]، أن يرجعوا إلى نفس القول بالظهار؛ لأن القول الأول لا يخلو من أن يكون أوجب الظهار أو لم يوجبه. فإن كان أوجبه فالثاني تأكيد له، وإن كان لم يوجبه فالثاني لا يوجبه أيضا لأنه مثله، وإنما معنى قوله: {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} [المجادلة: 3] أي يعودون في تحريم ما حرموه على أنفسهم من أزواجهم بتظاهرهم وهو الوطء فيتحللونه بإرادة الوطء والإجماع عليه.
والسادس: ما ذهب إليه ابن قتيبة أن المعنى في قوله: {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} [المجادلة: 3] أنه العودة في الإسلام إلى نفس القول بالظهار الذي كانوا يظاهرون به في الجاهلية ويعدونه طلاقا.
وقد قيل: إن الآية فيها تقديم وتأخير، وتقديرها والذين يظهرون من نسائهم فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير، فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا، فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا، ثم يعودون لما قالوا.
فصل
واختلف في قَوْله تَعَالَى: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: 3] فحمله أكثر أهل العلم على عمومه فقالوا: لا يقبل المظاهر ولا يباشر ولا يمس حتى يكفر، وهو مذهب مالك وأكثر أصحابه. وقال الحسن وعطاء والزهري وقتادة: ليس على عمومه، والمراد به الوطء خاصة، فللمظاهر أن يقبل ويباشر ويطأ في غير الفرج، وإنما نهي عن الجماع. واختلف الذين حملوا الآية على عمومها في الوطء وما دونه إن قبل أو باشر في خلال الكفارة قبل أن يتمها، فقال أصبغ وسحنون: يستغفر الله ولا شيء عليه، وقال مطرف: يبتدئ الكفارة.