والامتناع مما عدا الوطء على مذهب مطرف واجب، وعلى مذهب أصبغ وسحنون مستحب، وعلى مذهب الحسن ومن قال بقوله مباح. وأما الوطء فلا خلاف في وجوب الامتناع منه إلا على مذهب من يرى أن العودة الوطء فإنه أباح له الوطء مرة. وقد تقدم ذكر ذلك.
فصل
وأصل الظهار في ذوات المحارم، فإذا ظاهر بشيء من ذوات المحارم وهو مظاهر سمي [مظاهرا، سمى] الظهر أو لم يسمه، أراد بذلك الظهار أو لم تكن له نية. فإن أراد بذلك الطلاق ولم يرد به الظهار فقول ابن القاسم في رواية عيسى عنه من كتاب الأيمان بالطلاق أنه يكون طلاقا بتاتا ولا ينوى في واحدة ولا اثنتين. وقال سحنون: ينوى فيما أراده من الطلاق، وهو الأظهر؛ لأنه لفظ بما ليس من ألفاظ الطلاق، فوجب أن يوقف الأمر على ما نوى بذلك. هذا نص قول ابن القاسم أنه إذا ظاهر بذات محرم وأراد بذلك الطلاق أنه طلاق سمى الظهر أو لم يسمه.
ومساواته في هذا الوجه بين أن يسمي الظهار أو لا يسميه إنما يصح على مذهبه فيما بينه وبين الله تعالى إذا أتى مستفتيا. وأما إذا حضرته البينة وطولب بحكم الظهار فإن كان قد سمى الظهر حكم عليه بالظهار؛ لأن البينة قد حضرته بالإفصاح به، ولم يصدق في طرح الكفارة عن نفسه وقضي عليه بالطلاق لإقراره أنه نواه وأراده، وكان من حق المرأة إن تزوجها بعد زوج أن تمنعه نفسها حتى يكفر كفارة الظهار. وإن كان لم يسم الظهر لم يحكم عليه بالظهار وصدق أنه لم يرد الظهار إذا لم يصرح به. وهذا أصل من أصولهم أن من ادعى نية مخالفة لظاهر لفظه لا يصدق فيها. وقول ابن الماجشون: أنه يكون ظهارا، ولا يكون طلاقا وإن نواه وأراده. وحجته أن الذي ظاهر على عهد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأنزل الله فيه