فإن كانت صغيرة لم تبلغ المحيض على الصحيح من الأقوال أنها لا تستحق الصداق دون يمين، فإن ادعت المسيس حلف الزوج وأدى نصف الصداق إلى أن تبلغ، فإذا بلغت حلفت وأخذت النصف الثاني، فإن نكلت عن اليمين لم يحلف الزوج ثانية. وإن نكل الزوج أولا عن اليمين أدى جميع الصداق ولم يكن له أن يحلفها إذا بلغت، كحكم الصغير يقوم له بحقه شاهد. وقد قيل: إنه لا يمين عليها إذا كانت صغيرة بخلاف الكبيرة، وهو بعيد؛ إذ لا فرق بين الكبيرة والصغيرة إلا فيما ذكرناه من أن الصغيرة تؤخذ باليمين حين تبلغ، وبالله التوفيق.
فصل
وإيجاب اليمين عليها أظهر لما قدمناه من أن الخلوة دليل على صدقها كالشاهد واليد ومعرفة العفاص والوكاء، وليس كالبينة التامة. ومن صدقها في دعواها المسيس جعل الخلوة كالبينة التامة، وهو قول أحمد بن المعدل فيما حكى عنه عبد الحق في كتابه الكبير، وهو قول بعيد ما له عندي وجه إلا مراعاة قول من يوجب لها جميع الصداق بالخلوة وإن تقاررا على عدم المسيس.
فصل
والعدة تجب على الزوجة بأحد وجهين: إما بخلوة تعرف، وإما بإقرارهما على أنفسهما بالمسيس وإن لم تعرف له خلوة بها. وتجب للزوج الرجعة بأحد وجهين: إما بتقاررهما على الوطء مع خلوة تعرف أو بادعاء الوطء إذا أنكرت في كل موضع تصدق فيه المرأة عليه في دعوى الوطء إذا أنكر. وهذا أصل حيث ما كان القول قول المرأة في دعوى الوطء كان القول قول الزوج في الرجعة وفي دعواه دفع الصداق إليها. فهذا تلخيص هذا الباب، وبالله التوفيق.