فصل
في الرجعة
الأصل في الرجعة قول الله عز وجل: {لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} [الطلاق: 1]، أي يحدث في النفوس الندم على الفرقة وإرادة الرجعة: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [الطلاق: 2]، وبلوغ الأجل هاهنا المقاربة لا البلوغ على الحقيقة، وكذلك قَوْله تَعَالَى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [البقرة: 231]، بخلاف قَوْله تَعَالَى: {وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ} [البقرة: 235]، بخلاف قوله: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 232]، نهى الأولياء إذا انقضت العدة وأرادت الرجوع إلى زوجها أن يعضلوها عن الرجوع إليه؛ لأن بلوغ الأجل هو انقضاء العدة، وإذا انقضت العدة لم يكن للزوج رجعة بإجماع، فسمى المقاربة بلوغا على عادة العرب في تسمية الشيء باسم ما قرب منه. قال الله عز وجل: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [النحل: 98]، أي: إذا أردت أن تقرأ القرآن. وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إن بلالا ينادي بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم». وكان ابن أم مكتوم رجلا أعمى لا ينادي حتى يقال له أصبحت أصبحت، أي قاربت الصباح. وفي الحديث: «صلى بنا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلاة الصبح على أثر سماء كانت من الليل؛» فسمى المطر سماء لما كان نزوله من السماء. وهذا كثير في لسان العرب.