كالرهن واليد ومعرفة العفاص والوكاء وشبه ذلك. وعلى ذلك حمل ابن حبيب قول عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إذا أرخيت الستور فقد وجب الصداق. وظاهره خلاف ذلك أن إرخاء الستور يوجب الصداق وإن لم يكن ثم مسيس، وهو قول أبي حنيفة وأصحابه أن الخلوة الصحيحة توجب المهر كله، وطئ أو لم يطأ، ادعته المرأة أو لم تدعه، إذا لم يكن ثم مانع من الوطء من حيض أو إحرام أو صوم أو ما أشبه ذلك.
وإذا وجب أن يكون القول قول المرأة في دعوى المسيس فهل تحلف أو تصدق دون يمين، اختلف في ذلك. ففي كتاب ابن المواز أن القول قولها مع يمينها، وكذلك في كتاب ابن الجهم، وهي رواية عيسى عن ابن القاسم في كتاب الحدود في الذي يغيب على المرأة غصبا، ويثبت ذلك عليه فتدعي المسيس. وذهب بعض المتأخرين إلى أنه لا يمين عليها قياسا على رواية أشهب عن مالك في كتاب الغصب في الأمة الفارهة تتعلق برجل وهي تدمي تدعي أنه غصبها نفسها أن القول قولها دون يمين، وذلك بعيد؛ لأنه إنما جعل القول قولها دون يمين لما بلغته من فضيحة نفسها مع كونها تدمي. ووجه ذلك أنه أقام الشبهتين مقام شاهدين فأسقط عنها اليمين؛ إذ لو انفردت واحدة منهما كانت كالشاهد يوجب لها اليمين. والصحيح ما حكى ابن حبيب في الواضحة أن عليها اليمين، فالزوجة أحرى أن يجب عليها اليمين؛ إذ لا عار عليها في دعوى المسيس على زوجها، سواء كانت المرأة بكرا أو ثيبا، يتيمة أو ذات أب، حرة أو مملوكة، مسلمة أو نصرانية، كبيرة أو صغيرة، إذا كانت قد بلغت مبلغا يوطأ مثلها، لا يجب لها الصداق إلا بدعواها المسيس. فإن أقرت أنه لم يمسها جاز عليها قولها ولم يكن لها إلا نصف الصداق إلا أن يقر الزوج بالمصاب وتنكره هي وهي أمة أو مولى عليها، فإن مطرفا وسحنونا قالا: لا يقبل قولها في طرح نصدق الصداق، وللولي أو السيد أن يأخذ ذلك منه بإقراره به.