«وأخذه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الجزية من مجوس البحرين». وأما القياس فهو أن الجزية إذا كانت تؤخذ من أهل الكتاب إذلالا وإصغارا مع أنهم أقرب إلى الحق لإقرارهم بالنبوة والشريعة المتقدمة فالمجوس أحرى بذلك منهم، إذ لا يقرون بشيء من ذلك. وقد قيل في المجوس إنهم أهل كتاب، روي ذلك عن الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. فقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «سنوا بهم سنة أهل الكتاب» معناه على قوله الذين يعلم كتابهم على ظهور واستفاضة.
وأما الذين لا تؤخذ منهم الجزية باتفاق فكفار قريش والمرتدون. أما المرتدون فلأنهم ليسوا هم على دين يقرون عليه لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من بدل دينه فاضربوا عنقه». وأما كفار قريش فقيل إنما لم تؤخذ منهم الجزية لأنه لا يجوز أن يجري عليهم ذلة ولا صغار لمكانهم من النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فإن كانوا من أهل الكتاب تخصصوا من عموم الآية بالإجماع ولم يجز في أمرهم إلا الإسلام أو السيف، وهذا الإجماع حكاه ابن الجهم. وقال القزويني إنما لم تؤخذ الجزية من كفار قريش لأن جميعهم أسلم يوم الفتح، فلا يكون قرشي كافرا إلا مرتدا والمرتد لا تؤخذ منه الجزية لأنه ليس على دين يقر عليه ولا يسترق.
فصل
وأما الذين تؤخذ منهم الجزية على اختلاف فمشركو العرب ومن دان بغير الإسلام [من العرب و] ليس من أهل الكتاب ولا المجوس. أما مشركو العرب