واختلف فيمن أسلم بعد وجوب الجزية عليه إما بأول الحول وإما بآخره على الاختلاف المتقدم في ذلك هل تسقط عنه الجزية أم لا على قولين: فذهب الشافعي إلى أنها لا تسقط عنه ويؤخذ بها بعد إسلامه، وذهب أبو حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إلى أنها تسقط عنه بإسلامه، وهو مذهب مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وجميع أصحابه. والدليل على ذلك قول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لا جزية على مسلم». وكتب عمر بن عبد العزيز - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إلى عماله أن يضعوا الجزية عمن أسلم من أهل الجزية حين يسلمون، لأن الوضع لا يكون إلا فيها قد وجب. وأما سقوطها عنهم فيما يستقبل بعد إسلامهم فليس مما يشكل حتى يحتاج عمر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إلى كتابه بذلك إلى عماله فلا يصح أن يحمل كلامه على ذلك.
فصل
والكفار في أخذ الجزية منهم على أربعة أصناف: صنف تؤخذ منهم الجزية باتفاق. [وصنف لا تؤخذ الجزية منهم باتفاق]. وصنف تؤخذ الجزية منهم على اختلاف. وصنف اختلفوا فيما يؤخذ منهم في الجزية.
فصل
فأما الذين تؤخذ منهم الجزية باتفاق فأهل الكتاب والمجوس من العجم.
تؤخذ من أهل الكتاب بنص القرآن قال الله عز وجل: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29] ومن المجوس العجم وهم ما عدا أهل الكتاب فتؤخذ منهم بالسنة والقياس، فأما السنة فقوله في حديث عبد الرحمن بن عوف «سنوا بهم سنة أهل الكتاب» يريد في الجزية،