فذهب مالك إلى أن الجزية تؤخذ منهم، وقال الشافعي وأبو حنيفة لا تؤخذ الجزية منهم، والى هذا ذهب ابن حبيب، وهو قول ابن وهب من أصحابنا. قال ابن حبيب إكراما لهم فعلى قوله تؤخذ الجزية من غير المجوس إذا لم يكن من العرب ودان بغير الإسلام. وقيل إن ذلك ليس من جهة الإكرام لهم، وإنما ذلك على جهة التغليظ عليهم لبعدهم من الحق إذ ليسوا بأهل كتاب، وهذا يأتي على مذهب الشافعي لأن المجوس عنده أهل كتاب ولا تؤخذ الجزية عنده إلا من أهل الكتاب. فعلى قوله لا تؤخذ الجزية من غير المجوس وأهل الكتاب وإن لم يكونوا من العرب.

فصل

وأما الذين يختلف فيما يؤخذ منهم في الجزية فنصارى العرب، ذهب مالك إلى أن الجزية تؤخذ منهم، وحجته قول الله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} [المائدة: 51] وروي عن عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أنه كان يأخذ منهم في جزيتهم الصدقة مضاعفة إكراما لهم. وقيل بل كان يأخذ ذلك باسم الجزية والله أعلم.

فصل

فالذي يتحصل في الجزية ثلاثة أقوال: أحدها أن الجزية تؤخذ ممن دان بغير الإسلام بدين يقر عليه من جميع الأمم حاشا كفار قريش. والثاني أنها تؤخذ ممن دان بغير الإسلام بدين يقر عليه حاشا كفار قريش ومشركي العرب. والثالث أنها لا تؤخذ إلا من أهل الكتاب والمجوس، وهذا قول الشافعي. والقولان الأولان في المذهب، وقد تقدم ذكر ذلك وبالله التوفيق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015