جميع ما لم ير فيه السجود جاء على سبيل الأمر، وجميع ما رأى فيه السجود جاء على سبيل الخبر.
فإن قال قائل: سجدة {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} [الانشقاق: 1] جاءت على سبيل الخبر ولا يسجد فيها عنده.
قيل له: الوعيد المذكور فيها يقوم مقام الأمر.
وإن قال قائل: سجدة حم السجدة جاءت على سبيل الأمر ويسجد فيها عنده.
قيل له: المعنى فيها الإخبار عن فعل الكفار الذين لا يسجدون لله ويسجدون للشمس والقمر، والنهي عن التشبه بهم في ذلك، لا الأمر بمجرد السجود لله فيحمل على سجود الصلاة، ويدل على ذلك قوله في آخر الآية: {فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ} [فصلت: 38]؛ لأن المعنى في ذلك: فإن استكبر الكفار عن السجود لله فالذين عنده لا يستكبرون عن ذلك. وقد اختار بعض العلماء السجود عند قولهم وهم لا يسأمون ليكون عند ذكر الإخبار على الأصل الذي ذكرناه.
فصل
وأما وجوب السجود فيها فإنه واجب، قيل: وجوب السنن التي من فعلها أجر ومن تركها لم يأثم، وقيل: وجوب الفرائض التي من تركها أثم. ومذهب مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - أنه واجب وجوب السنن لا وجوب الفرائض. ودليله على ذلك أن الله تبارك وتعالى أثنى على الساجدين عند التلاوة ولم يأمر به، وفعله النبي عليه الصلاة