فأما عزائم السجود] فإنها عند مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إحدى عشرة سجدة ليس في المفصل منها شيء، ولا في الحج إلا سجدة واحدة، وهي التي في أول السورة. قال في الموطأ: الأمر عندنا أن عزائم سجود القرآن إحدى عشرة سجدة ليس في المفصل منها شيء. وقال في رواية ابن بكير وغيره: الأمر المجتمع عليه عندنا. ورواية يحيى أولى؛ لأن الاختلاف في عزائم السجود معلوم بين السلف في المدينة. وقد يتأول قوله: الأمر المجتمع عليه عندنا، على أنه إنما أراد أنه اجتمع على أن الأحد عشر من العزائم ولم يجتمع على أن ما سواها من العزائم. وهو تأويل جيد محتمل تصح به الرواية. فالتي ليست من العزائم عند مالك سجدة آخر الحج، وسجدة والنجم، {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} [الانشقاق: 1] و {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} [العلق: 1]. وإنما لم يرها مالك من العزائم لما جاء فيها من الخلاف. فقد روي أنه ليس في الحج إلا سجدة واحدة، وروي «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يسجد في المفصل منذ تحول إلى المدينة». وذهب ابن وهب من أصحاب مالك إلى أنها كلها عزائم يسجد فيها، وهو اختيار ابن حبيب وجماعة من العلماء، وقد روى ذلك ابن وهب عن مالك. وقال الشافعي وأبو حنيفة والثوري: عزائم السجود أربع عشرة سجدة، إلا أن الشافعي أسقط سجدة ص وأسقط أبو حنيفة سجدة آخر الحج، وأسقط الثوري سجدة والنجم. وروي عن علي بن أبي طالب أنه قال: عزائم السجود أربعة: ألم تنزيل، وحم السجدة، والنجم، واقرأ باسم ربك. وقال بعض العلماء: إن الذي يوجبه النظر أن يسجد من ذلك فيما جاء على سبيل الخبر، ولا يسجد من ذلك فيما جاء على سبيل الأمر؛ لأن ما جاء منها على سبيل الأمر يحمل على السجود الواجب في الصلاة المفروضة. وعلى هذا يأتي مذهب مالك إذا اعتبرته؛ لأن