وقال ابن شبرمة والثوري: تحمل العاقلة من جناية الرجل والمرأة ما بلغ أرش الموضحة، وهو قول إبراهيم النخعي قال: ما فرضه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فهو على العاقلة، يريد الموضحة فما فوقها، لأن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يفرض فيما دونها شيئا. والدليل على صحة قول مالك أن الأصل كان ألا يحمل أحد جناية غيره من دم ولا مال لقول الله تبارك وتعالى: {وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلا عَلَيْهَا} [الأنعام: 164] «وقول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأبي رمثة في ابنه: لا تجني عليه ولا يجني عليك» إلا أن يخص ذلك سنة قائمة أو إجماع. وقد أجمعوا أن العاقلة تحمل الثلث فصاعدا، لأن من قال إن العاقلة تحمل القليل والكثير، ومن قال إنها تحمل العشر أو نصف العشر، فقد قال إنها تحمل الثلث، فكان الثلث مخصوصا بالإجماع من الأصل المتفق عليه.

فصل

ودية جراح المرأة كدية جراح الرجل فيما بينهما وبين ثلث الدية. فإذا بلغت إلى ثلث الدية لم تستكملهما ورجعت إلى عقل نفسها فكان لها في ذلك وفيما زاد عليه نصف عقل الرجل، وفي هذا اختلاف كثير. قد قيل إنها تعاقله إلى نصف عشر الدية ثم ترجع إلى عقل نفسها]، وقيل إلى نصف الدية ثم ترجع إلى عقل نفسها. وقيل إن لها النصف من عقل الرجل في القليل والكثير، وإلى هذا ذهب الشافعي وأبو حنيفة. والدليل على صحة قول مالك أن ذلك قد روي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من مراسيل عمرو بن شعيب وعكرمة، وقد أرسله سعيد بن المسيب أيضا، ومراسيله كالمسندة. ذكر مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - في موطأه «عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه سأل سعيد بن المسيب كم في أصبع المرأة؟ قال: عشر من الإبل. قلت كم في أصبعين؟ فقال: عشرون من الإبل، فقلت كم في ثلاث؟ فقال: ثلاثون من الإبل: فقلت كم في أربع؟ فقال:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015