عشرون من الإبل. قلت حين عظم جراحها واشتدت مصيبتها نقص عقلها، فقال: أعراقي أنت؟ قال: فقلت بل عالم متثبت أو جاهل متعلم. فقال: هي السنة يا بن أخي». فقوله هي السنة دليل على أنه أرسله عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والمرسل عند مالك كالمسند سواء في وجوب الحكم به. والشافعي لا يقول بالمراسيل إلا بمراسيل سعيد بن المسيب فإنها عنده كالمسندة لثقته وجلالة قدره. وقد ذهب بعض العلماء إلى أن المرسل أقوى من المسند لأن الثقة لا يرسل إلا ما قد صح عنده، فإذا أرسل فقد تقلد وإذا أسند فقد أحال على السند وتبرأ منه.
ومما يدل على صحة مذهب مالك من طريق الاعتبار أن الله تبارك وتعالى ساوى بين الرجل والمرأة في الأصل والمبدإ إلى الثلث، ثم فصل بينهما فيما بعد الثلث فقال الصادق المصدوق عن ربه عز وجل «إن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوما نطفة ثم أربعين يوما علقة ثم أربعين يوما مضغة ثم يأتي الملك فيقول: أي رب ذكر أم أنثى شقي أم سعيد، فينفخ فيه الروح». فيقع الفصل فيه من الله بالتذكير إن شاء أو التأنيث بعد هذا الأمر المشترك فيه وهو من العام ثلثه. وقال تعالى: {اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ} [الرعد: 8] وبين الاعتبار من قَوْله تَعَالَى في الآيتين إحداهما: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} [البقرة: 233]. والثانية: قوله عز وجل: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف: 15] أن أمد الغيض وهو النقصان من أمد المعلوم في العادة وهو تسعة أشهر في الأغلب والأكثر ثلاثة أشهر فإن الولد نسبه لستة أشهر فإذا اعتبرنا الزيادة بالنقصان اعتبارا عدلا حملنا على التسعة الأشهر ثلاثة أشهر كما نقصنا منها ثلاثة أشهر، وفي حملنا ثلاثة أشهر على تسعة تمام العام. وقد تقدم أن الأربعة