الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «كل ذنب عسى الله أن يعفو عنه إلا من مات كافرا أو قتل مؤمنا متعمدا».
وذلك- والله أعلم- لأن القتل يجتمع فيه حق الله وحق للمقتول المظلوم.
ومن شرط صحة التوبة من مظالم العباد تحللهم ورد التباعات إليهم وهذا ما لا سبيل للقاتل إليه إلا بأن يدرك المقتول قبل موته فيعفو عنه ويحلله من قتله إياه طيبة بذلك نفسه.
فصل
واختلف الذاهبون إلى هذا المذهب في حكم الآيتين الواردتين في قتل النفس التي حرم الله: آية النساء قَوْله تَعَالَى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} [النساء: 93] وآية الفرقان قوله: {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا} [الفرقان: 68] {يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا} [الفرقان: 69] {إِلا مَنْ تَابَ} [الفرقان: 70]. ومنهم من ذهب إلى أن الآيتين محكمتان، وأن آية الفرقان نزلت في المشركين، وآية النساء نزلت في المسلمين، وتأول أن الخلود المذكور فيها غير مؤيد لأنه لا يخلد في النار على التأبيد إلا الكفار.