فصل

وأما من قال: إن القاتل مخلد في النار فقد أخطأ وخالف أهل السنة، لأن القتل لا يحبط ما تقدم من إيمانه ولا ما كسب من صالح أعماله، لأن السيئات لا تبطل الحسنات، ومن عمل حسنة ومات على الإسلام فلا بد أن يجازيه الله على حسنته فإنه يقول تعالى وقوله الحق: {وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 35] وقال تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} [الزلزلة: 7] {وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: 8] وقال تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ} [الأنبياء: 94] وقال عز من قائل: {فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} [الأنبياء: 47].

فصل

وذهب جماعة من الصحابة ومن بعدهم إلى أن القاتل في المشيئة وأن توبته مقبولة. فممن روي ذلك عنه ابن عباس وأبو هريرة وعلي بن أبي طالب ومجاهد وغيرهم. واختلف من صار إلى هذا المذهب أيضا في حكم الآيتين المذكورتين. فمنهم من قال إلى أن اللينة نسخت الشديدة، ومنهم من قال إنهما محكمتان واردتان في الكفار واستدل على ذلك بما فيهما من ذكر الخلود في النار الذي هو من صفة عذاب الكافرين، لأن من أدخل النار من الموحدين فلا بد أن يخرج منها بالشفاعة. ومنهم من قال إن آية الفرقان وردت في الكفار، وآية النساء في المسلمين، إلا أن معناها أن ذلك جزاؤه إن جازاه ولم يغفر له، بدليل قَوْله تَعَالَى:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015