فصل

والمراد بالمحصنات في هذه الآية الحرائر العفيفات. والإحصان الذي يوجب الحد في القذف هو الإحصان بالحرية والإسلام الذي يوجب جلد مائة في الزنى ويدخل تحت قَوْله تَعَالَى: {الْمُحْصَنَاتِ} [النور: 4] الرجال والنساء، لأنه لما كانت لا تزني امرأة إلا برجل اكتفى الله عز وجل بذكر المحصنات عن المحصنين، وهو أمر متفق عليه، لا اختلاف عند أحد من المسلمين أن قذف المحصن كقذف المحصنة في وجوب الحد ولحوق الإثم.

فصل

وهذا المعنى يدل على أن قاذف الجماعة حدا واحدا، لأن قاذف المحصنة قاذف للذي زنى بها ولم يوجب الله تعالى عليه إلا حدا واحدا مع قوله أيضا: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} [النور: 4] وهن جماعة. وهذا موضع اختلف أهل العلم فيه على ثلاثة أقوال:

أحدها: قول مالك ومن قال بقوله إن عليه حدا واحدا، قذفهم في كلمة واحدة أو مفترقين في مجالس شتى، وهو مذهب أبي حنيفة. والدليل على ذلك ما قلناه، ولا اختلاف في هذا بين أحد من أصحاب مالك. فإذا قذف الرجل جماعة فحد لأحدهم فذلك الحد لكل قذف تقدم قام طالبوه أو لم يقوموا عند مالك وأصحابه، حاشى المغيرة فإنه يقول إن طالبوه مفترقين حد لكل واحد منهم. وحكى ابن شعبان عن بعض أصحابنا لصاحب يا بن الزانيين وأمه حرة مسلمة حد حدين لحرمة الصحابي.

والثاني: قول الشافعي إن عليه الحد لكل واحد منهم، قذفهم في كلمة واحدة أو مفترقين في مجالس شتى. [والثالث قول ابن أبي ليلى التفرقة بين أن يقذفهم في كلمة واحدة أو في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015