ورووا أن عائشة برأته من ذلك. وروي أنها كانت تطوف فسمعت امرأتين تذكران حسان بن ثابت فابتدرتاه بالسب فأنكرت عائشة ذلك عليهما وقالت: ابن الفريعة تسبان، والله إني لأرجو أن يدخله الله الجنة بذبه عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بلسانه، أليس القائل:
فإن أبي ووالده وعرضي ... لعرض محمد منكم وقاء
فقالتا لها: أليس ممن لعنه الله في الدنيا والآخرة بما قال فيك؟ فقالت: لم يقل شيئا ولكنه الذي يقول:
حصان رزان ما تزن بريبة ... وتصبح غرثى من لحوم الغوافل
فإن كان ما قد قيل عني قلته ... فلا رفعت سوطي إلي أناملي
والله أعلم.
وكيف ما كان فلا يختلف أهل العلم أن قذف المحصنات من الكبائر الموبقات. روي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «قذف المحصنات يحبط عمل مائة سنة» وهذا عند غير واحد من المدنيين ما لم يتب أو يحد فإذا أخذ منه الحد أو تاب كفر ذلك عنه اللعنة وهي الإبعاد وعاد إليه ثواب العمل.
فصل
وأصل الحد قول الله عز وجل: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور: 4] {إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: 5].