مجالس شتى]

وقال عثمان البثي: إن قذف جماعة حد لكل واحد منهم، وإن قال لرجل زنيت بفلانة حد حدا واحدا. قال لأن عمر جلد أبا بكرة وأصحابه حدا واحدا ولم يحدهم للمرأة. وهذا قول لا يعضده قياس ولا نظر، إذ لا فرق بين أن يقول فلان وفلانة زانيان أو يقول زنى فلان بفلانة.

فصل

وحد العبيد في القذف على النصف من حد الأحرار قياسا على حد الزنى لقول الله عز وجل: {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: 25] هذا قول مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - وفقهاء الأمصار وأكثر العلماء، وروي ذلك عن جماعة الخلفاء أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -. وروي عن ابن مسعود أن العبد يجلد في القذف ثمانين لأن العلة في ذلك عندهم أن القذف حق للمقذوف، فلزم فيه النصراني ما يلزم المسلم، فوجب أن يلزم فيه العبد ما يلزم الحر، لأن النصراني أدنى مرتبة من العبد. فإذا لم ينقص النصراني من الثمانين في القذف لنقص مرتبته على مرتبة المسلم فأحرى ألا ينقص العبد، كما لو غصبت المرأة نفسها لكان لها صداق مثلها، حرا كان غاصبها أو عبدا أو كافرا، لأنه حق لها كحد القذف. وليس كذلك الزنى لأنه حق لله تعالى، لا حق فيه لمخلوق، فلذلك كان الحد فيه على المراتب: العبد خمسين، والحر مائة، والمحصن الرجم، والنصراني لا شيء عليه إلا أن يعلنه فيؤدب لإعلانه، أو يكون ذميا فيرد إلى دينه. فلعمري إن من أوجب على العبد في القذف ثمانين جلدة كما يجب على الحر لهو أسعد بالقياس إلا أن جل أهل العلم على أن على العبد في القذف أربعين قياسا على حد الزنى، وهو في الخلفاء الراشدين المهديين. وقد قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجد».

طور بواسطة نورين ميديا © 2015