وإن انفرد الإسلام دون الحرية كان إحصانا يعتبر به. وإن انفردت الحرية دون الإسلام لم يكن إحصانا يعتبر به.

فصل

فعلى هذا الترتيب الذي وصفناه تُتَأَوَّل آيُ القرآن الواردة في ذلك. فأما قول الله عز وجل: {وَاللاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلا} [النساء: 15] وقوله عز وجل من قائل: {وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا} [النساء: 16] فإنهما آيتان منسوختان لم يختلف أهل العلم أنهما منسوختان، وإنما اختلفوا في ترتيب نسخهما وفي الناسخ لهما ما هو. وإن كانتا في الزانيين المحصنين أو في الزانيين البكرين أو عامة في الصنفين فقيل إن الآيتين جميعا في المحصنين. وقيل إنهما في البكرين. وقيل إنهما عامتان فيهما جميعا. وقيل إن الآية الأولى في المحصنين والآية الثانية في البكرين، فلا يصح أن تكون إحداهما ناسخة للأخرى لاختلاف الحكمين والمحكوم فيهم، وتكون الأولى منسوخة بالرجم المتواتر فعلُه الباقي حكمه المنسوخ خطه على قول من ذهب إلى أن ما روي عن عمر بن الخطاب بقول الله عز وجل: {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ} [النور: 8] لأن العذاب المذكور في هذه الآية هو الرجم في الثيب على ما بينه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، والثانية بقوله: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ} [النور: 2]. وأما من قال إن الآيتين في الزانيين البكرين أو في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015