فإذا زنى الكافر بكافرة مثلة فلا حد على واحد منهما عندنا، حرين كانا أو عبدين، بكرين كانا أو ثيبين، ويؤدبان عليه إن أعلناه لأنه ليس بمحصن بسبب من أسباب الإحصان. وإنما حكم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على اليهوديين بالرجم على حكم التوراة لا على حكم الإسلام، لأنهم لم تكن لهم ذمة يومئذ، وإنما أنزلت آية الجزية سنة تسع من الهجرة منصرف النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - من حنين. ولو كانت لهم حينئذ ذمة لما رجمهم لأن الرجم لا يجب في شريعتنا إلا بعد الإحصان بالإسلام والحرية والتزويج. وهذا قول مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - وجميع أصحابه لا خلاف بينهم في هذا، خلافا للشافعي وأبي حنيفة في قولهما إن اليهوديين والنصرانيين إذا زنيا حكم عليهما بالرجم إن كانا محصنين أو بالجلد إن كانا بكرين. قال الشافعي في أحد قوليه إذا رضيا بحكم المسلمين وبالله التوفيق.
فصل
فإذا أسلم الكافر ثم زنى وهو عبد كان حده خمسين جلدة لإلمامه بالفاحشة المحرمة عليه بعد التحصن بالإسلام. فإن أعتق ثم زنى كان حده مائة جلدة لإلمامه بالفاحشة المحرمة عليه بعد التحصن بالإسلام والحرية. والتزويج، وهي أرفع مراتب الإسلام في التحصين.
فصل
ولا يكون الوطء بالتزويج إحصانا حتى يقع بعد الإسلام والحرية، فإن وقع قبلهما أو قبل أحدهما لم يوجب حكما ولا اعتبر به في انتقال الحد. وأما الحرية والإسلام فمتى اجتمعا جميعا اعتبر بهما تقدم الإسلام الحرية أو الحرية الإسلام.