التدبير للمدبرة بسراية التدبير إلى ولدها وكونه مدبرا معها، وحكم أن ذلك إجماع بخلاف الوصية. واحتجاجه بذلك لا يلزم، إذ ليس بإجماع، فقد حكى أبو بكر بن المنذر في كتاب الأشراف له عن عمر بن عبد العزيز وعطاء وجابر بن زيد أنهم مملوكون، واحتج جابر بن زيد بأن ذلك بمنزلة الحائط يتصدق به الرجل إذا مات، فله ثمرته ما عاش، فحكم لولد المدبرة بحكم الغلة. وكان الشافعي يقول: فيها قولان.
أحدهما: أنهم بمنزلة أمهم.
والقول الثاني: كما قال جابر بن زيد. ومالَ المُزَنِي إلى قول جابر بن زيد.
قال: هو أشبههما بقول الشافعي.
قلت: وكذلك اختلف أيضا في ولد المدبر من أمته، فقال مالك على أصله: إنهم بمنزلته مدبرون معه. وروي عن عبد الله بن عمر أنهم بمنزلة أمهم، وبه قال عطاء والزهري والأوزاعي والليث بن سعد. وإذا حكموا لهم بحكم أمهم فهم مملوكون بمنزلة مال المدبر، لسيده انتزاعهم منه ما لم يمرض أو يموت. وفي المدونة ليحيى بن سعيد قول ثالث: أن المدبر لا يباع وسيده أولى بماله ما كان حيا، فإذا توفي سيده فمال المدبر له وولده من أمته لورثة سيده، لأن ولده ليس من ماله. هذا نص قوله، فلم يحكم لولده من أمته بحكمه فيكون مدبرا معه كقول مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ -، ولا حكم له بحكم أمه، إذ لو حكم له بحكم أمه كما قال ابن عمر وعطاء والزهري والأوزاعي لوجب إذا لم ينتزعه السيد حتى مرض أو مات أن يكون تبعا للمدبر كماله، إن حمله الثلث أعتقوا عليه، وإن لم يحمله الثلث أعتق منه ما حمل الثلث وأُقدَّ ولده بيده. ويحتمل أن يريد يحيى بن سعيد أن ولده من أمته ولد له قبل التدبير فلا يكون قوله على هذا التأويل مخالفا لقول مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
قد مضى الكلام في التدبير المطلق. وأما التدبير المقيد وهو أن يقيد تدبيره