بمرض أو سفر أو ما أشبهه ذلك مما قد يكون ولا يكون، مثل أن يقول: أنت مدبر إن مت من مرضي هذا أو في سفري هذا أو في هذا البلد، أو أنت مدبر إذا قدم فلان وما أشبه ذلك، فاختلف فيه. روى أصبغ عن ابن القاسم في كتاب المدبر من العتبية أنها وصية وليس بتدبير إلا أن يرى أنه أراد بذلك التدبير وقصده، فله على هذه الرواية أن يرجع عنه في مرضه ذلك ويبيعه إن شاء. وفي كتاب محمد بن المواز لابن القاسم، وكتاب محمد بن سحنون لابن القاسم وابن كنانة أنه تدبير لازم لا رجوع فيه، معناه عندي إن مات من مرضه ذلك.

وهذا الاختلاف يقوم من المدونة من اختلاف ابن القاسم ومالك في الرجل يقول لعبده: أنت حر إذا قدم فلان، فقال مالك: ليس له أن يبيعه حتى ينظر هل يقدم فلان أم لا. وقال ابن القاسم: لا أرى ببيعه بأسا. فكذلك لو قال لعبده: أنت مدبر إذا قدم فلان يلزمه التدبير على قول مالك من ساعته بشرط قدوم فلان، ولا يكون له أن يبيعه ولا أن يرجع فيه بقول حتى ييأس من قدوم فلان. وعلى قول ابن القاسم لا يكون تدبيرا وإنما هي وصية، فكأنه قال إذا قال: إذا قدم فلان أو إن قدم فلان فيعتق عني عبدي فلان بعد موتي، فيكون له أن يبيعه وأن يرجع فيه بالقول إن شاء، فيقول قبل قدوم فلان وبعد قدومه: قد رجعت عن عتق فلان، بخلاف قوله: أنت حر إذا قدم فلان، هذا لا يكون له- على مذهب ابن القاسم - أن يرجع فيه بالقول، وإنما له أن يبيعه لأنه يشبه اليمين، فإذا بقي في ملكه حتى قدم فلان لزمه العتق.

فصل

ومما يبين ما ذهبنا إليه من إقامة الاختلاف من المدونة في مسألة التدبير المقيد بشيء قد يكون ولا يكون، أنه لو قيد تدبير عبده بصفة آتية لا محالة مثل أن يقول له: إذا مات فلان فأنت مدبر عني أو إذا انقضى العام فأنت مدبر عني للزمه التدبير ولم يكن له فيه رجوع باتفاق، كما يلزمه العتق إلى أجل آت لا محالة باتفاق. وبالله تعالى التوفيق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015