وقد قال بعض الناس: يوضع عنه الربع من كتابته، وقائل هذا القول لم ير ذلك واجبا. واختار بعض الناس أن يوضع عنه آخر نجم من نجومه. ومنهم رأى أن يعطيه من عنده من غير مال الكتابة. وقد قيل: إن الخطاب في ذلك إنما هو للولاة أن يعطوهم من الزكاة لا للسادة لقول الله تعالى: {وَفِي الرِّقَابِ} [التوبة: 60]. وقد روي أن رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «من أعان مكاتبا في رقبته أظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله».

فصل

فليس على السيد أن يكاتب عبده إذا ابتغى ذلك منه بقليل ولا بكثير وإن علم فيه خيرا، ولا أن يضع عنه إن كاتبه شيئا إلا أن يشاء. هذا قول مالك وجميع أصحابه وجمهور أهل العلم. ومن أهل العلم من حمل أمر الله تعالى بالكتابة على الوجوب، وهم أهل الظاهر فقالوا: يلزم الرجل أن يكاتب عبده إذا ابتغى منه الكتابة بقيمته فأكثر، وروي ذلك عن ابن عباس.

والصحيح ما ذهب إليه مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - وجمهور أهل العلم على ما بيناه. وذهب الشافعي إلى أنه لا يجب على السيد أن يكاتب عبده إذا سأله ذلك، وأنه إذا كاتبه وجب أن يجبر على أن يضع عنه مما عقد عليه الكتابة شيئا ما كان. قال: وهذا والله أعلم عندي مثل قوله عز وجل: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 241] لأن من مذهبه إيجاب المتعة. قال: فإن مات السيد قبل أن يضع جبر ورثته على ذلك، وإن كانوا صغارا وضع عنهم الحاكم أقل ما يقع عليه اسم الشيء في كتابته فجعل الشافعي الفرع أوجب من الأصل وليس اسم الشيء من كتابته، فجعل الشافعي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015