ترى أن السقي عليه إن كانت مما تسقى ولو أراد البائع أن يجبره على الجداد قبل انتهاء طيبها أو يبسها إن كانت مما لا يجد حتى ييبس، لم يكن ذلك له، وما كان مما يمكن المبتاع أن يأخذه ويبين به بغير فساد له، إلا أن على المشتري في تعجيل أخذ ذلك والبينونة به ضررا، إذ لم يشتر إلا على أن يجده ويأخذه على وجه ما يعرف من التراخي في ذلك، كالثمرة التي تقطع خضراء إذا اشتراها بعد انتهاء طيبها، أو اشتراها قبل انتهاء طيبها فاجتيحت بعد انتهاء طيبها وإمكان جدادها، بمضي مدة يمكنه ذلك فيها قبل بلوغ الحد الذي يعرف من التراخي في جدها، فيجري الأمر في هذا - عندي على اختلاف قول مالك في جائحة البقول مرة، قال فيها الجائحة، ومرة قال لا جائحة فيها؛ لأن العلة في وجوب الجائحة فيها هي أنها تلفت قبل بلوغ الحد الذي اشتراها عليه من التراخي في قطعها وفي سقوطها، هي أنه قد قبضها بتخلي البائع له عنها، فلو شاء أن يقطعها قطعا، ولم يكن في قطعه إياها فساد لها؛ فإنما قد تركها على ملك نفسه لمنفعة يرجوها، وهاتان العلتان موجودتان في الثمرة بعد انتهاء طيبها؛ وعلى هذا يأتي الاختلاف في جائحة القصب، ويدخل في الفول الأخضر؛ وأما إن اجتيحت الثمرة أو البقل بعد بلوغ الحد الذي يعلم من التراخي في جدها، فلا خلاف أنه لا جائحة في ذلك، لأن البائع لم يدخل معه على ذلك ولو اجتيحت الثمرة بعد انتهاء طيبها قبل أن يمضي من المدة ما يمكنه فيه جدها، أو أجيح البقل بعد انعقاد البيع وتخلي البائع له عنه قبل أن يمضي من المدة ما يمكنه فيها جده، لدخل الاختلاف في ذلك أيضا - عندي، وجرى على الاختلاف في ضمان المكيال إذا تلف بعد أن يمتلئ في يد المشتري قبل أن يفرغه في وعائه، فيأتي في المسألة على هذا التعليل ثلاثة أقوال:
أحدها: أن الثمرة تدخل في ضمان المشتري ويسقط عن البائع فيها حكم الجائحة بتناهي طيبها - وإن لم يمض من المدة بعد تناهي طيبها ما يمكنه فيه قطعها.