فصل

وهذا في الثمار، وأما البقول فاختلفت الرواية عن مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - فيها: فمرة قال يوضع فيها القليل والكثير، ومرة قال: حكمها حكم الثمار لا توضع الجائحة فيها إلا في الثلث فما زاد؛ فوجه قوله إنه توضع الجائحة فيها في القليل والكثير. «أن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أمر بوضع الجوائح» عموما، فتناول ذلك الثمار والبقول، فخرجت الثمار من ذلك بما دل عليه من الدلائل، وبقيت البقول على الأصل في العموم، ولأن العادة في الثمار ذهاب بعضها للحاجة إلى تبقيتها على رؤوس النخل، فالمشتري على ذلك دخل، وليس كذلك البقول، لأنه لا عادة في تلفها ولا في تلف شيء منها، بل العادة سلامة جميعها؛ وإذا كان ذلك كذلك، وجب أن يوضع قليلها وكثيرها، ووجه قوله إنه إنما يوضع منها الثلث فصاعدا، الاعتبار فيها بسائر الثمار بعلة أنه وضع جائحة في نبات، وقد قيل عن مالك إنه لا توضع فيها جائحة أصلا، وقيل إنه ما جاز فيه المساقاة مع العجز كالفجل والاسفنارية واللفت فلا توضع فيه الجائحة إلا أن يبلغ الثلث، وما لا تجوز فيه المساقاة من البقول وضعت الجائحة في قليله وكثيره؛ وهذه رواية سحنون عن ابن القاسم في العتبية، ومثله في كتاب ابن المواز؛ وهو خلاف لما في المدونة.

فصل

وأما معرفة ما توضع فيه الجوائح مما لا توضع فالأصل في ذلك أن كل ما لم يمكن المشتري أن يبين به إلا بفساد، كالثمرة التي يبتاعها عند بدء صلاحها، فلا يقدر على قطعها قبل أن يصل طيبها ويتناهى إلا بفساد لها، فإن الجائحة فيها ما لم يكمل طيبها ويتناهى باتفاق عند من أوجب الجائحة، لأن له حقا على البائع في إبقاء الثمرة في أصولها لصلاحها وكمال طيبها، فقد بقي له فيها عليه حق توفية، ألا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015