إن معنى الأول أن سبيل من رأى لقطتها أن يرفعها بيده فيقول لمن هذه منكم أيها الناس.
ومعنى الثاني أنه لا يأخذها إلا أن يسمع من ينشدها فيرفعها بيده فيقول أهي هذه؟ فيرجع تأويل الحديثين إلى اجتناب أخذها كلقطة الحاج - والله أعلم.
ويلزم أن يؤخذ اللقيط ولا يترك، لأنه إن ترك ضاع وهلك؛ وإنما قال عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لسنين أبي جميلة ما حملك على أخذ هذه النسمة؟ لأنه اتهمه أن يكون غير منبوذ، وأنه إنما أخذه لأمر، فلما قال له عريفه إنه رجل صالح أمره بما يصنع في أمره، فقال له اذهب فهو حر ولك ولاؤه وعلينا نفقته؛ ولا اختلاف بين أهل العلم في هذا، وإنما اختلفوا في لقطة المال على ثلاثة أقوال: فقيل إن الأفضل تركها من غير تفصيل، وروي ذلك عن عبد الله بن عمر أنه كان يمر باللقطة فلا يأخذها. وقيل إن الأفضل أخذها وتعريفها، لأنها مال يجمع على ربه ويمسك عليه، وهو أحد قولي مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وممن ذهب إلى هذا سعيد بن المسيب، وخالفه فيه أهل المدينة وأهل مكة، وأحسبه قال: إن حرمة المال كحرمة النفس. وتقلد قوله - الحسن بن صالح بن حي. والقول الثالث: أنه إن كان الشيء الذي له بال، فأخذه أفضل، وإن كان الشيء اليسير فتركه أولى وأحسن، وهذا القول أحد روايتي ابن القاسم عن مالك، وهذا الاختلاف إنما هو إذا كانت اللقطة بين قوم مأمونين - والإمام عادل لا يخشى أن يأخذها إذا علم بها بتعريفه إياها؛ وأما إن كانت اللقطة بين قوم غير مأمونين والإمام عدل فأخذها عليه واجب قولا واحدا والله أعلم؛ ولو كانت اللقطة بين قوم مأمونين والإمام غير عادل، لكان الاختيار ألا يأخذها قولا واحد - والله أعلم؛ ولو كانت بين