فقال فهذا الحديث يدل على أن اللقطة حلال للملتقط بعد الحول - وإن كان غنيا عنها؛ لأنها لو كانت ترجع إلى الصدقة، لما حلت لعلي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -؛ لأنه من صليبة بني هاشم، ولأن الصدقة عليه حرام؛ وأما مالك فلا يجيز له أكلها. ومعنى قول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عنده. «فشأنك بها» - أنه مخير بين أن يمسكها لصاحبها ويزيد في تعريفها، وبين أن يتصدق بها ويضمنها لصاحبها - إن جاء، إلا إن شاء أن يجيز الصدقة ويكون له الأجرة، وقيل إنه ليس له أن يستنفقها إلا أن يكون محتاجا إليها، وهو قول أبي حنيفة وسائر أصحابه؛ وقيل إن ذلك لا يجوز له إلا أن يكون له وفاء بها - وهو الصحيح؛ قال الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: 29]. وقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه» فيتحصل في هذا أربعة أقوال:

أحدها: أن استنفاقها لا يجوز له بحال.

والثاني: أن استنفاقها جائز له بكل حال.

والثالث: أن استنفاقها لا يجوز له إلا أن يكون محتاجا إليها.

والرابع: أن استنفاقها لا يجوز له، إلا أن يكون له بها وفاء - والله أعلم.

فصل

وهذا الاختلاف إنما هو فيما عدا لقطة مكة، فأما مكة فقد ورد النص فيها أنه لا تحل لقطتها إلا لمنشد، فلا يحل له استنفاقها بإجماع، وعليه أن يعرفها أبدا وإن طال زمانها. ويروى لا يرفع لقطتها إلا منشد، ولا ترفع لقطتها إلا لمنشد؛ فقيل:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015