قوم غير مأمونين والإمام غير عادل لكان مخيرا بين أخذها وتركها، وذلك بحسبما يغلب على ظنه من أكثر الخوفين، وهو أيضا - أعني هذا الاختلاف فيما عدا لقطة الحاج، لنهي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عنها ومعنى نهيه عنها مخافة ألا يجدر بها بتفرق الحاج إلى بلدانهم المختلفة، فتبقى في ضمانه؛ فلا ينبغي لأحد أن يلتقط لقطة الحاج للنهي الوارد في ذلك عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، فإن التقطها وجب عليه من تعريفها ما يجب في سواها.
قال ابن عبدوس: وما وجد على المنبوذ من ثياب أو وجد عليه من فراش، أو دابة أو ثياب، أو مال قد قوم عليه أو شد معه فهو كله له؛ وأما ما وجد قريبا منه، فهو لقطة لا شيء له فيه؛ والحكم في اللقطة على ما وردت به السنة عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: ذكر مالك في موطئه عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن يزيد مولى المنبعث عن زيد بن خالد الجهني، أنه قال: «جاء رجل إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فسأله عن اللقطة فقال: اعرف عفاصها ووكاءها ثم عرفها سنة، فإن جاء صاحبها، وإلا فشأنك بها. قال فضالة الغنم يا رسول الله؛ قال: هي لك أو لأخيك أو للذئب. قال: فضالة الإبل؟ قال مالك: ولها؛ معها حذاؤها وسقاؤها ترد الماء وتأكل الشجر حتى يلقاها ربها»
فصل
فاللقطة تنقسم على ثلاثة أقسام:
قسم يبقى في يد ملتقطه ويخشى عليه التلف إن ترك كالدنانير والدراهم والعروض.