- رَحِمَهُ اللَّهُ - في اللفظ العام الوارد على سبب: هل يقصر على سببه، أو يحمل على عمومه على قولين، الأصح منهما عند أكثر أصحابه العراقيين كإسماعيل القاضي، والقاضي أبي بكر وغيرهما أنه يحمل على عمومه، ولا يقصر على سببه - لأدلة كثيرة ليس هذا موضع ذكرها؛ فالاحتجاج لقول مالك في هذه المسألة بعموم هذا الحديث - وإن كان واردا على السبب المذكور - صحيح على الأصح من قولي مالك - والله أعلم. قال ابن شعبان: ومن أصحابنا من يقول إن المستودع إذا جحد ما كان بيده وهو من غير الذهب فوجد له المجحود ما بقي به من الدراهم أو العروض؛ لم يكن له أخذه ولا بيعه بمثل ما كان له، لأنه لم يوكل في ذلك وبه أقول.

فصل

فالأمانة التي تكون بين المخلوقين أمرهم الله فيها بالتقوى والأداء، ولم يأمرهم بالإشهاد كما فعل في ولي اليتيم، فدل ذلك على أنهم مؤتمنون في الرد إلى من ائتمنهم دون إشهاد، فوجب أن يصدق المستودع في دعواه رد الوديعة مع يمينه - إن أكذبه المودع، كما تصدق المرأة فيما ائتمنها الله عليه مما خلق في رحمهما من الحيض والحمل، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} [البقرة: 228]. إلا أن يكون دفعها إليه بإشهاد فيتبين أنه إنما ائتمنه على حفظها ولم يأتمنه على ردها، فيصدق في الضياع الذي ائتمنه عليه، ولا يصدق في الرد الذي استوثق منه فيه ولم يأتمنه عليه، هذا قول مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - وجميع أصحابه: ابن القاسم وغيره، حاشا رواية أصبغ عن ابن القاسم في دعوى المستأجر رد ما استأجره من العروض، أنه يصدق - قبض ذلك منه، ببينة أو بغير بينة، ولا فرق في هذا بين ما استؤجر أو استودع، وقد تأول

طور بواسطة نورين ميديا © 2015