عليه أصبغ، أنه فرق بين القراض والوديعة، وبين ما استأجر من العروض في دعوى الرد إذا قبض ذلك ببينة؛ ووقع في النوادر لابن القاسم ما ظاهره مثل ما تأول عليه أصبغ، والصحيح ألا فرق بين ذلك، لأنه إذا صدق في رد ما استأجر وإن قبضه ببينة، فهو أحرى أن يصدق في الوديعة، لأنه قبضها لمنفعة صاحبها خالصا، والشيء المستأجر قبضه لمنفعتهما جميعا؛ وكذلك القراض قبضه لمنفعتهما جميعا، فلا فرق بينه وبين العرض المستأجر، بل هو أحرى ألا يصدق؛ لأن من أهل العلم من يراه ضامنا له إذا ادعى تلفه إلا أن يقيم البينة على التلف - كالرهن والعارية، وإلى هذا ذهب الشافعي أن المودع مصدق في رد الوديعة دفعت إليه ببينة أو بغير بينة، وقد كان يشبه أن يفرق بين الوديعة والشيء المستأجر، فإن الشيء المستأجر إذا شهد على دفعه إليه احتمل أن يكون القصد بالإشهاد التوثق من الإجارة لا التوثق من عين الشيء المستأجر لولا أن هذا ينكسر علينا بالقراض، إذ لا فرق في دعوى الرد بين القراض والشيء المستأجر فيتحصل على هذا في المسألة أربعة أقوال:
أحدها: وهو المشهور أنه لا يصدق في دعوى الرد إذا دفع إليه ببينة لا في الوديعة ولا في القراض ولا في الشيء المستأجر.
والثاني: أنه يصدق في جميع ذلك وإن دفع إليه ببينة وهو الذي يأتي على رواية أصبغ في دعوى رد الشيء المستأجر، لأنه إذا صدق على الرد مع البينة على الدفع في الشيء المستأجر الذي قبضه لمنفعتهما جميعا. فأحرى أن يصدق في الوديعة التي قبضها لمنفعة صاحبها - خاصة، وهو مثل القراض الذي قبضه لمنفعتهما جميعا.
والثالث: تفرقة أصبغ بين الشيء المستأجر وبين القراض والوديعة فيصدق