غزو مصر، وكانت نتيجة الحرب خسرانه نحو ثلاثين ألف جندى من جنوده وقعوا بين قتيل وغريق فى مياه النيل وأسر الملك نفسه وسجن فى دار ابن لقمان بالمنصورة إلى أن افتدى بمبلغ عظيم من المال.
نشعر بفرحة ابن سعيد لهذا النصر حين طرب للقصيدة التى نظمها صديقه الشاعر المصرى جمال الدين بن مطروح مخاطبا ملك فرنسا المأسور ومسجلا حادث هزيمة الصليبيين فى قوله:
قل للفرنسيس إذا جئته ... مقال حقّ عن قؤول نصيح
آجرك الله على ما جرى ... من قتل عبّاد يسوع المسيح
دار «ابن لقمان» على حالها ... والقيد باق والطواشى «صبيح»
وكان لرحلات ابن سعيد فى مختلف الأقطار فى العالم الإسلامى الفسيح وإقامته فى حواضره المتعددة ذوات الطوابع المختلفة، وعادات أهله المتنوعة أثر فى حنينه الدائم إلى موطنه الأصلى- أرض الأندلس، كما استطاع بثاقب نظره أن يسجل ما يراه من مشاهدات فى هذه المجتمعات «1» ويوازن بينها وبين ما عرفه عن مجتمعه الأندلسى، وكانت النتيجة التى يخرج بها دائما هى الوحشة الشديدة إلى موطنه الأندلسى. يقول «2»
أصبحت أعترض الوجوه ولا أرى ... ما بينها وجها لمن أدريه
عودى على بدئى ضلالا بينهم ... حتى كأنّى من بقايا التيه
ويح الغريب توحشت ألحاظه ... فى عالم ليسوا له بشبيه
إن عاد لى وطنى اعترفت بحقّه ... إن التغرّب ضاع عمرى فيه
ويقول معبرا عن هذا الإحساس أيضا:
هذه مصر فأين المغرب ... مذ نأى عنى دموعى تسكب «3»