قوله: "أبا الغيلان" بكسر الغين المعجمة؛ كنية رجل وهو الذي جزاه بنوه كجزاء سنمار، قوله: "وحسن فعل"، أي: إليه، قوله: "كما يجزى [سنمار] (?) " أتى به على صيغة المضارع لحكاية الحال الماضية لغرابته، و "سنمار" بكسر السين المهملة والنون وتشديد الميم على وزن طرمّاح، وهو اسم رجل رومي من بني الخورنق الذي [بنى قصرً] (?) بظهر الكوفة للنعمان بن امرئ القيس الأكبر ملك الحيرة ليكون فيه ولده ونساؤه، وهو قصر عظيم لم ير العرب مثله، فلما فرغ منه ألقاه من أعلاه فخر ميتًا لئلا يبني لغيره مثله، فضربت به العرب المثل في سوء المكافأة، فقيل: جزاني جزاء سنمار (?)، وكان بناؤه في عشرين سنة، وذكر الجاحظ في كتاب الحيوان لبعض العرب (?):

1 - جَزَانِي جَزَاهُ اللهُ شرّ جزائِهِ ... جَزاءَ سِنِمَّارٍ لقدْ كانَ ذا دَأْبٍ

2 - بنَى ذلكَ البُنيَانَ عشرينَ حِجّةً ... تعدُّ عليهِ بالقراميد والسّكبِ

3 - فلمّا انتَهَى البُنْيَان يومَ تمَامِه ... وصارَ كمثل الطود والباذخِ الصعبِ

4 - رمَى بسنمَّارٍ على أُمِّ رَأْسِهِ ... وذاكَ لعمر الله منْ أَعْظم الخَطْبِ

الإعراب:

قوله: "جزى": فعل ماض، و "بنوه": كلام إضافي فاعله، والضمير يرجع إلى أبي الغيلان وهو إضمار قبل الذكر ولكن جوزه للضرورة، قوله: "عن كبر": يتعلق بجزى، وقيل: "عن" هاهنا ظرف بمعنى في؛ أي: في كبر، قوله: "وحسن فعلًا": عطف على عن كبر، قوله: "كما يجزى" الكاف للتشبيه، وما مصدرية، ومحل الجملة النصب على الحال أو صفة لمصدر محذوف، والتقدير: جزى جزاء كجزاء سنمار.

الاستشهاد فيه:

في قوله: "جزى بنوه" حيث أعاد الضمير إلى أبي الغيلان، وهو متأخر عنه وذلك لأجل الضرورة، وفيه شاهد على: ضربَ غلامُه زيدًا، وفيه شاهد آخر على جواز إنابة المضارع عن الماضي في قوله: "كما يجزى" معناه: كما جزى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015