وتقدير الكلام: درى ما هيجته لنا.
قال ابن عصفور (?): إنما احتيج إلى تأويل هذا؛ لأنه يناقض في الظاهر ما ذكر من أن الفاعل إذا كان مقرونًا بإلا يلزم تقديم المفعول عليه، ألا ترى أن الظاهر في البيت أن يكون ما هيجت مفعول: فلم يدر مع أنه مؤخر عن الفاعل، وعلى ذلك حمله الكسائي، فلما كان الظاهر فيه ذلك احتيج إلى أن يؤول بأن يكون قوله: "ما هيجت لنا" مفعولًا بفعل مضمر يدل عليه الفعل الظاهر.
قوله: "عشية": نصب على الظرفية أضيف إلى الآناء، والآناء أضيف إلى الديار، والمضاف فيه محذوف تقديره: آناء أهل الديار، وسمي أهل الديار ديارًا تسمية للحال باسم المحل.
قوله: "وشامها": كلام إضافي مرفوع على أنه فاعل هيجت، وروي: عشية بالرفع، فإن صحت فوجهه أن يكون رفعها على أن يكون فاعلًا لهيجت، وحينئذ يكون "وشامها" منصوبًا على المفعولية.
الاستشهاد فيه:
أن الكسائي احتج به على أن الفاعل المحصور بإلا لا يجب تأخيره عن مفعوله؛ بل يجوز تقديمه فإن قوله: "إلا الله" فاعل، و "ما هيجت" مفعول، وأوله الجمهور على أن ما هيجت ليس مفعولًا لقوله: "فلم يدر إلا الله" وإنما هو مفعول لفعل محذوف تقديره (?): درى ما هيجت لنا، فلم يتقدم الفاعل المحصور بإلا على المفعول؛ لأن هذا ليس مفعولًا للمذكور، وإنما هو مفعول للفعل المقدر فافهم (?).
جَزَى بَنُوهُ أَبَا الغَيلَانِ عن كِبَرٍ ... وَحُسْن فِعْلٍ كَمَا يُجزَى سِنمارُ
أقول: قائله هو سليط بن سعد.
وهو من البسيط.