ولأن رؤية النعمة أدعى إلى الشكر عليها؛ قال الله تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا} [يونس: 58]، ولا شك أن الوفاء بالعهد من فضل الله -سبحانه- ورحمته بعبده، فالاغتباط به واجب أو مندوب لورود الأمر به.
الاستشهاد فيه:
على أن: "درى" بمعنى علم يقتضي مفعولين، وله استعمالان في الكلام:
أغلبهما: أن يتعدى بالباء؛ نحو: دريت بكذا، ومنه قوله تعالى: {وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ} [يونس: 16]، وإنما تعدى إلى الضمير بسبب دخول همزة النقل عليه.
وأندرهما: أن يتعدى إلى اثنين بنفسه؛ كما في البيت المذكور (?).
تَعَلَّم شِفَاءَ النَّفْسِ قَهْرَ عَدُوِّهَا ... فَبَالِغْ بِلُطْفٍ التَّحَيُّل والمَكْرِ
أقول: قائله هو زياد بن سيار بن عمرو بن جابر (?)، وكان زياد هذا قد خرج هو والنابغة يريدان الغزو فرأى زياد جرادة، فقال: حرب ذات ألوان، فرجع ومضى النابغة، ولما رجع غانمًا قال (?):
1 - يُلاحِظ طَيرَةً أبَدًا زِيَادٌ ... لتُخْبِرَهُ ومَا فيهَا خَبيرُ
2 - أقَامَ كأنَّ لُقْمَانَ بنَ عَادٍ ... أشارَ لَهُ بِحِكْمَتِه مُشِيرُ