إذا كانت رؤية البصر فلا تقتضي حينئذ إلا مفعولًا واحدًا كما قد عرف في موضعه فافهم (?).
دُرِيتَ الوَفِيّ العهدَ يا عُرْوَ فاغتَبطْ ... فَإنَّ اغْتِبَاطًا بالوَفَاءِ حَمِيدُ
أقول: هو من الطويل.
قوله: "دريت الوفي" على صيغة المجهول، من درى يدري إذا علم، قوله: "فاغتبط" بالغين المعجمة؛ من الغبطة وهي أن يتمنى مثل حال المغبوط من غير أن يريد زوالها عنه وليس بحسد (?)، تقول منه: غبطه بما نال أغبطه، من باب: حسب يحسب، غبطًا وغبطةً فاغتبط هو؛ كقولك: منعته فامتنع وحبسته فاحتبس، ويقال: الغبطة: حسن الحال، قوله: "حميد" يعني: محمود.
الإعراب:
قوله: "دريت": يقتضي مفعولين، الأول: هو التاء التي نابت مناب الفاعل، والمفعول الثاني هو قوله: "الوفي".
فإن قلت: لم لا يجوز أن يكون الوفي حالًا؟
قلت: لا يجوز لتعريفه، ويجوز في "العهد" الخفض بالإضافة والنصب على التشبيه بالمفعول به والرفع على الفاعلية، وتقدير الضمير أي: العهد منه أو إنابة اللام عنه أي: عهده، وأرجحها الخفض وأضعفها الرفع، قوله: "يا عرو" منادى مرخم؛ أي؛ عروة، قوله: "فاغتبط": جملة من الفعل والفاعل وهو أنت المستتر فيه، وهو في الحقيقة جواب شرط محذوف؛ أي: إذا أُعلمت وفي العهد فاغتبط.
قوله: "فإن اغتباطًا" الفاء للتعليل، و "اغتباطًا" اسم إن، وخبره قوله: "حميد"، وقوله: "بالوفاء" يتعلق به أي: بوفاء العهد، يعني: الوفاء مطلوب محمود؛ لأنه يحث على الازدياد منه،